مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###########
( ب )
( ٢ ) الحنفية قالوا:
إذا كان المحلوف عليه مستحيلاً عادة فإنه يحنث بمجرد الحلف إذا لم يوقت اليمين بوقت، أما إذا وقته بوقت فإنه لا يحنث إذا مضى ذلك الوقت، فلو قال: و الله لأصعدن السماء بعد سنة مثلاً لا يحكم بحنثه إلا إذا مضت السنة.
الحنفية قالوا:
إذا حلف ليقتلن فلاناً و هو ميت فلا يخلو: إما أن يكون عالماً بموته وقت الحلف أو لم يكن عالماً، فإذا لم يكن عالماً بموته و تبين له أنه ميت فإنه لا يحنث، لأنه عقد يمينه على حياة كانت موجودة فيه و هو يعتقد وجودها، أما إذا كان عالماً بموته فإنه يحنث لأنه المحلوف عليه و إن كان مستحيلاً عادة و لكنه ممكن في ذاته يصح وقوعه لجواز أن يعيد الله له الحياة، بخلاف مسألة الكوز، و هي إذا ما حلف ليشربن ماء هذا الكوز بدون أن يقيد بوقت و كان فيه ماء فأراقه الحالف أو غيره، أو سقط الإناء وحده فأريق ماؤه فإنه يحنث، و الفرق بين المسألتين: أن الماء في الصورة الثانية لا يمكن إعادته بعينه أصلاً، فإن من الممكن عقلاً إعادة ماء آخر في الكوز، أما الماء الذي اريق و ذهب فإنه لا يمكن إعادته عقلاً، فإذا خلق الله ماء في الكوز ثانياً لم يكن هو المحلوف عليه، بل المحلوف عليه ماء مظروف في الكوز وقت الحلف و قد أريق، أما الصورة الأولى فإن الحياة إذا عادت فإن ذات الإنسان لم تتغير، بل تكون هي الأولى بعينها، و اعلم أن في مسألة الكوز أربعة أوجه:
💐 الأول أن تكون يمينه مؤقتة بوقت و لا ماء فيه كما إذا قال: و الله لشربن ماء هذا الكوز اليوم و ليس فيه ماء.
🌺 الثاني أن تكون مؤقتة بوقت و فيه ماء ثم صب و هو لا يحنث في هذين الوجهين لعدم انعقاد اليمين أصلاً في الوجه الأول، و لبطلانها بعد الانعقاد في الوجه الثاني، لأن اليمين و إن كانت صادفت وجود الماء في الكوز فانعقدت، و لكن بإراقة الماء بطل انعقادها.
🌹 الثالث: أن تكون اليمين غير مؤقتة بوقت و لا ماء في الكوز كما إذا قال: و الله لأشربن ماء هذا الكوز و لا ماء فيه، و في هذه الصورة لا يحنث أيضاً، لأن يمينه لم تنعقد أصلاً لعدم وجود الماء، و لا يحنث في الصور الثلاث، سواء علم أن في الكوز ماء أو لم يعلم.
🌷 الرابع أن تكون اليمين غير مؤقتة بوقت و كان في الكوز ماء كما إذا قال: و الله لأشربن ماء هذا الكوز بدون أن يوقت بوقت و كان فيه ماء كما ذكره في أول المسألة فإنه يحنث، سواء علم بوجود الماء أو لم يعلم، و سواء أريق الماء وحده أو أراقه هو أو غيره و يتفرع على هذا مسائل:
💐 منها أنه إذا حلف ليقضين حَق فلان غداً فمات أحدهما قبل الغد فإنه لا يحنث لبطلان اليمين بعد انعقادها.
🌺 و منها إذا قال لامرأته: إن لم تصلي غداً فأنت طالق، فجاءها الحيض في الغد قبل أن يمضي وقت يمكن أداء الصلاة فيه، أو بعدما صلت ركعة فإنه يحنث على الأصح؛ و ذلك لأن المحلوف عليه و هي الصلاة يمكن وقوعها مع وجود الدم، فحصول الدم لا يبطل اليمين. ألا ترى أن المستحاضة تصح منها الصلاة مع وجود الدم، فلا مانع من أن الشارع يمكن أن يشرع الصلاة مع الحيض، بخلاف مسألة الكوز، فإن المحلوف عليه غير ممكن أصلاً؛ فلذا حكم بحنثه. و كذا إذا قال: و الله لأصومن من اليوم بعد أن أكل في النهار؛ فإن يمينه ينعقد و يحنث، لأن الصيام ممكن مع الأكل كما في حالة النسيان. فإن من أكل ناسياً يعد صائماً فيمكن أن يشرع الصيام مع الأكل حينئذ.
🌹 و منها إذا قال لزوجه بعدما اصبح الصباح: إن لم أجامعك الليلة فأنت كذا، فإن لم تكن له نية انصرفت إلى الليلة المقبلة، و إن نوى الليلة الفائتة فإن يمينه لا تنعقد و لا يحنث، و كذا إذا قال بعد طلوع الفجر: و الله لا أنام الليلة و هو لا يعلم أن الفجر قد طلع فإنه لا يحنث.
🌷 و منها ما إذا قال لامرأته: إن لم تردي المال الذي أخذتيه من مكان كذا فأنت طالق و هي لم تأخذه، بل هو باق في مكانه فإنه لا يحنث لأن المحلوف عليه غير ممكن، فإن رد المال مع عدم أخذه مستحيل.
💐 و منها أنه إذا حلف لا يعطي فلاناً شيئاً إلا بإذن من زيد فمات زيد فإنه لا يحنث إذا أعطاه، و إذا حلف ليقضين دينه غداً فقضاه اليوم فإنه لا يحنث. و كذا إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف غداً فأكله اليوم فإنه لا يحنث، أو حلف ليقتلنه غداً فمات اليوم فإنه لا يحنث؛ و لو جن الحالف في يومه فإنه يحنث.
المالكية قالوا:
إذا منع مانع من فعل المحلوف عليه فلا يخلو: إما أن يكون عقلياً، كما إذا حلف ليقتلن فلاناً فإذا هو ميت. أو ليذبحن حمامه فوجده مسروقاً.
و إما أن يكون المانع شرعياً كما إذا حلف ليطأن امرأته الليلة فوجدها حائضاً، فالمانع ثلاثة أقسام: عقلي، و عادي، و شرعي فإن كان عقلياً فإن الحالف لا يحنث إلا إذا حصل بعد اليمين و لم يوقت بوقت و لم يفرط في الفعل فإذا قال: و الله لأذبحن الحمام فمات الحمام بعد الحلف و فرط في ذبحه فإنه يحنث. أما إذا قال: و الله لأذبحنه غداً و جاء فبادر إلى ذبحه فوجده ميتاً فإنه لا يحنث. أما إذا حصل الموت قبل اليمين كأن قال: و الله لأذبحنه و كان ميتاً قبل ذلك فإنه لا يحنث مطلقاً، سواء وقت أو لم يوقت، فرط أو لم يفرط.
و إن كان المانع عادياً كما إذا وجد الحمام مسروقاً. فإن كانت السرقة حصلت قبل اليمين فإنه لا يحنث، سواء فرط في الذبح أو لم يفرط، و سواء وقت بوقت أو لم يوقت، أما إن كانت السرقة حصلت بعد اليمين فإنه يحنث مطلقاً، سواء وقت أو لم يوقت، فرط أو لم يفرط و إن كان المانع شرعياً كما إذا حلف و هي طاهرة ثم طرأ عليها الحيض بعد اليمين و استمر الليلة كلها؛ أو حلف اليمين و هي حائض قبل حلفه. فالمانع الشرعي يوجب الحنث، سواء تقدم على اليمين أو تأخر، أما إذا حلف ليطأنها و لم يقيد بالليلة ثم وجدها حائضاً فإنه ينتظر رفع الحيض و يفعل المحلوف عليه فلا يحنث. فإذا وطئها و هي حائض ففي بره خلاف:
فبعضهم يقول: إنه لا يحنث لأنه فعل المحلوف عليه و هو المدلول اللغوي .
و بعضهم يقول: يحنث لمخالفته للمدلول الشرعي.
و محل هذا الخلاف إذا كانت اليمين بعد الحيض، أما إذا كانت قبله و فرط حتى حاضت، فإن القياس الاتفاق على حنثه.
الحنابلة قالوا:
إذا حلف ليقتلن فلاناً فإذا هو ميت فإنه يحنث مطلقاً، سواء علم بموته قبل الحلف أو لم يعلم، و كذا إذا قال: و الله لأشربن ماء هذا الكوز و لا ماء فيه، سواء علم بأن فيه ماء أو لم يعلم، و كذا إذا حلف ليضربن هذا الحيوان غداً فمات قبل أن يضربه فإنه يحنث و لو لم يمض وقت يتمكن فيه من ضربه، و كذا إذا حلف ليأكلن هذا الطعام غداً فتلف قبل الغد فإنه يحنث، سواء تلف باختياره أو بغير اختياره، و كذا إذا حلف ليشربن هذا الماء اليوم، أو ليضربن هذا الغلام فتلف الماء و مات الغلام قبل فعل المحلوف عليه، فإنه يحنث عند موت الغلام و تلف الماء، و كذا إذا أطلق يمينه و لم يقيدها بوقت كما إذا قال. و الله لآكلن هذا الرغيف فتلف الرغيف قبل أن يأكله فإنه يحنث عند تلفه، و إذا قال: و الله لأضربنه غداً فضربه قبل الغد فإنه لا يبر، كما إذا حلف ليصومن يوم الجمعة فصام يوم الخميس، و إذا مات الحالف قبل الغد أو جن حتى خرج الغد فإنه لا يحنث.
الشافعية قالوا:
إذا حلف ليقتلن فلاناً و هو ميت فإنه يحنث مطلقاً، و إذا قال: و الله ليأكلن هذا الطعام غداً فتلف الطعام بنفسه أو أتلفه أحد غيره و تمكن منعه عن إتلافه و لم يمنعه فإنه يحنث من الغد إذا مضى زمن يتمكن فيه من الأكل و لم يأكل، فمتى مضى ذلك الزمن حكم بحنثه و لو فسد الطعام في آخر يوم، و كذا إذا مات من الغد فإنه يحنث متى مضى زمن يتمكن فيه من الفعل قبل موته. فيحكم بحنثه عقب مضي ذلك الزمن، و إن مات في آخر النهار. و كذا إذا أتلف الطعام بنفسه قبل الغد فإنه لا يحكم بحنثه وقت الإتلاف، و إنما يحكم بحنثه بعد مضي زمن من الغد يتمكن فيه من الفعل، و إذا قدم فعل المحلوف عليه أو أخره مع تمكنه من الفعل في الوقت المحدد في يمينه فإنه يحنث، فإذا حلف ليقضين حَق فلان عند غروب الشمس فقضاه قبل ذلك مع تمكنه من القضاء في ذلك الوقت فإنه يحنث، و إذا شرع في مقدمة القضاء من وزن أو كيل و نحوهما قبل الوقت فتأخر القضاء عن الوقت فإنه لا يحنث.
الحنفية قالوا:
إذا كان المحلوف عليه مستحيلاً عقلاً و عادة فإن اليمين لا تنعقد و لا تبقى منعقدة.
( ٣ ) المالكية قالوا:
الاستثناء إما أن يكون المشيئة أو يكون بإلا أو أحد أخواتها، فالاستثناء بالمشيئة لا يفيد إلا في اليمين بالله و النذر المبهم "هو الذي لم يعين فيه المنذور" فإن قال: و الله لا أفعل كذا إن شاء الله، أن إلا أن يشاء الله، و فعله لا كفارة عليه بالشروط الآتية و كذا إذا قال: علي نذر لا أفعل كذا إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله.
أما إن قال عليه الطلاق إن فعل كذا أو لم يفعل كذا إن شاء
الله و حنث فإنه يلزمه و لا تنفعه المشيئة. و اختلف في الاستثناء بإرادة الله و قضاء الله و قدره، و هل هو مثل الاستثناء بمشيئة الله أولا؟
فقال بعضهم: إنه مثل الاستثناء بالمشيئة، فلو قال: و الله لا أفعل كذا إن أراد الله، أو إن قدر الله، أو إن قضى الله و حنث لا كفارة عليه و هو الأظهر.
و قال بعضهم: إن الذي ينفع هو الاستثناء بالمشيئة فقط.
أما الاستثناء بإلا أو أحد أخواتها فهو ينفع في جميع الأيمان، فإذا قال: و الله لا أكلم زيداً إلا يوم الخميس، أو ما خلا يوم قدومه، أو ما حاشا يوم عرسه، أو ما عدا يوم حزنه، أو ليس يوم مرضه، أو يكون يوم موته، فإنه يفيده فيما استثناه. و كذا إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن دخلت الدار إلا واحدة نفعه الاستثناء بالشروط الآتية.
و ينفع الاستثناء في جميع متعلقات اليمين، أي سواء كانت مستقبلة أو ماضية، منعقدة أو غموسا و معنى نفعه في الغموس أنه يرفع الإثم. فمن حلف أنه يشرب البحر، أو يحمل الجبل، أو يميت الميت، استثنى بالمشيئة أو بإلا أو أحد أخواتها فلا إثم عليه، و مثل الاستثناء بإلا أو أحد أخواتها التقييد بشرط أو صفة أو غاية، فإذا قال: لا أدخل دار زيد إن كان فيها، أو لا أدخل داره الكبيرة مثلاً، أو لا أدخل داره إلى وقت كذا، أو مدة غيبته أو مرضه، أو في الشهر فإنه يفيده ذلك، و يشترط في صحة الاستثناء خمسة شروط.
🌺 الأول: أن يتصل الاستثناء بالمستثنى منه، سواء كان بالمشيئة أو بغيرها إلا لعارض لا يمكن رفعه، كالسعال أو العطاس أو انقطاع النفس أو التثاؤب. أما إذا سكت لتذكر شيء أو رد سلام و نحو ذلك فإن الاستثناء لا ينفع.
🌹 الشرط الثاني: أن ينوي النطق بالاستثناء أما إن جرى على لسانه سهواً بدون نية فإنه لا يفيد سواء كان بالمشيئة أو بإلا أو أحد أخواتها.
🌷 الثالث: أن يقصد بالاستثناء إبطال اليمين سواء كان القصد من أول التلفظ باليمين؛ أو في أثناء التلفظ به و هذا يفيد باتفاق، أما قصد ذلك بعد الفراغ من التلفظ به فإنه يفيد على المشهور إذا كان الاستثناء متصلاً على الوجه المتقدم، و هو يفيد و لو كان بتذكير الغير كأن يقول للحالف شخص آخر: قل إن شاء الله، فقالها عقب الفراغ من المحلوف عليه امتثالاً بدون فصل قاصداً حل اليمين فإنها تنفع. أما إذا لم يقصد حل اليمين بأن قصد التبرك بإن شاء الله أو لم يقصد. فإن الاستثناء لا يفيد.
💐 الرابع: أن ينطق بالاستثناء و لو سراً بحركة لسانه، و محل كون النطق به سراً يفيد إذا لم يحلف على حَق الغير كبيع أو إجازة أو نحو ذلك لأن اليمين يكون حينئذ على نية المحلف و هو لا يرضى بالاستثناء.
🌺 الشرط الخامس: أن لا ينوي أولاً ما أخرجه ثانياً بالاستثناء فإذا نوى إدخاله أولاً ثم أخرجه ثانياً لا ينفعه الاستثناء، بل ينبغي أن ينوي إخراجه قبل أن يحلف، فلو قال: كل حلال عليّ حرام لا أفعل كذا و نوى قبل أن يقول ذلك إخراج الزوجة ثم فعل المحلوف عليه لا شيء في الزوجة. أما إذا نوى إدخالها ثم أخرجها بالاستثناء فإنه لا ينفع، و يسمون هذه المسألة بالمحاشاة، لأنه حاشى الزوجة أولاً
أي أخرجها من يمينه و متى خرجت الزوجة كان اليمين لغواً، لأن تحريم الحلال في غير الزوجة و الأمة لغو.
( ٤ ) الشافعية قالوا:
الاستثناء يفيد في جميع الأيمان و العقود بشروط خمسة:
🌹 الأول: أن يتصل المستثنى بالمستثنى منه اتصالاً عرفياً بحيث يعد في العرف كلاماً واحداً، فلا يضر الفصل بسكتة التنفس و العي و انقطاع الصوت و السعال اليسير، بخلاف السعال الطويل فإنه يضر. و كذا يضر الفصل بالكلام الأجنبي و لو يسيراً، و السكوت الزائد على سكتة التنفس و العي و انقطاع الصوت.
🌷 الثاني: أن يقصد به رفع حكم اليمين، فإن لم يقصد به ذلك لا يفيد.
💐 الثالث: أن ينوي الاستثناء قبل الفراغ من النطق باليمين.
🌺 الرابع: أن لا يستغرق المستثنى منه فلو قال: عليه الطلاق ثلاثاً إلا ثلاثاً لا يفيد، لأن المستثنى استغرق جميع المستثنى منه.
🌹 الخامس: أن يتلفظ به بحيث يسمع نفسه عند اعتدال سمعه حيث لا يكون لغط.
الحنفية قالوا:
يشترط خلو اليمين من الاستثناء سواء كان بالمشيئة أو بغيرها. فلو قال: لا أفعل كذا إن شاء الله، أو إلا أن يشاء الله، أو ما شاء الله، أو إلا أن يبدو لي غير هذا، أو إلا أن أرى. أو إلا أن أحب غير هذا، ثم فعله لا يحنث. و كذا إن قال: لا أفعل كذا إن أعانني الله، أو يسر الله، أو قال: بمعونة الله، أو بتيسيره و نحو ذلك ثم قعله لا يحنث و لا كفارة عليه.
و الاستثناء يفيد عندهم في اليمين بالله تعالى و غيره، إلا أنه إن قال في الطلاق: إن أعانني الله أو بمعونة الله و أراد به الاستثناء فإنه ينفع فيما بينه و بين الله و لا ينفع قضاء.
و يشترط لصحة الاستثناء شروط:
🌷 الأول: أن يتكلم بالحروف بحيث يسمع نفسه، فإذا لم يسمع نفسه لا يصح الاستثناء على الصحيح إلا إذا كان أصم فإنه يصح استثناءه.
💐 الثاني: أن يكون متصلاً فإذا فصل بين الاستثناء و بين المستثنى منه فاصل من غير ضرورة لا ينفع الاستثناء. أما إذا كان الفصل لضرورة تنفس أو عطاس أو جشاء أو كان بلسانه ثقل فطال تردده ثم قال: إن شاء الله فإنه يصح و لا يشترط قصد الاستثناء، فلو قال لامرأته: أنت طالق فجرى الاستثناء على لسانه بدون قصد لا يقع الطلاق، و هذا هو ظاهر المذاهب.
🌺 الثالث: أن يزيد المستثنى على المستثنى منه كأن يقول: هي طالق ثلاثاً إلا أربعاً.
🌹 الرابع: أن يكون مساوياً كأن يقول: هي طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً، فإذا استثنى الكل من الكل بغير لفظه صح الاستثناء كما إذا قال: نسائي طوالق إلا زينب و فاطمة و سلمى و ليس له غيرهن. فإنه استثناء الكل من الكل بغير لفظه فيصح.
الحنابلة قالوا:
يفيد الاستثناء في كل يمين تدخلها الكفارة، كاليمين بالله تعالى، و الظهار، و النذر، فلا يفيد في الطلاق، فإذا قال: و الله لا أفعل كذا إن شاء الله، أو علي نذر إن فعلت كذا إلا أن يشاء الله، فإن يمينه لا تنعقد، و مثل مشيئة الله إرادة الله إن قصد بها المشيئة؛ أما إن قصد بإرادة الله محبة الله أوامره فإنها لا تفيده. و كذلك إذا أراد بالمشيئة أو الإرادة تحقيق المحلوف عليه لا التعليق، فإن الاستثناء حينئذ لا يفيد. و يشترط لصحة الاستثناء شروط:
🌷 الأول: أن يكون متصلاً بالمستثنى منه، فلا ينفع إذا انقطع عنه إلا إذا كان الانقطاع يسيراً كانقطاعه بتنفس أو سعال أو عطاس أوقيء أو تثاؤب فإنه في هذه الحالة يكون متصلاً حكماً.
💐 الثاني: أن ينطق الحالف بالاستثناء بأن يتلفظ به، فلا ينفع أن يتكلم به في نفسه إلا إذا كان مظلوماً.
🌺 الثالث: أن يقصد الاستثناء قبل تمام النطق بالمستثنى منه، فلو حلف غير قاصد الاستثناء ثم عرض له الاستثناء بعد فراغه من اليمين لم ينفعه كذلك إذا أراد الجزم بيمينه فسبق لسانه إلى الاستثناء من غير قصد، أو كانت عادته جارية بالاستثناء فجرى على لسانه من غير قصد فإنه لا ينفعه.
💎 الحنفية زادوا في شروط اليمين:
أن لا يفصل بينه و بين المحلوف عليه فاصل من سكوت و نحوه، فإذا أراد شخص أن يحلف آخر فقال: قل و الله فقال مثله، ثم قال له: قل ما فعلت كذا فقال مثله، فإنه لا يكون ذلك يميناً منعقدة، لأنه حكى كلام غيره، و السكوت فاصل بين اسم الله و بين المحلوف عليه. و كذا لو قال عليّ عهد الله و عهد الرسول لأفعلن كذا و لم يفعل فإنه لا يحنث لأن عهد الرسول فاصل بين القسم و هو عهد الله، و بين المحلوف عليه، و عهد الرسول غير قسم.
🌹 وزادوا أيضاً الإسلام، و هو شرط اليمين الموجبة للعبادة من كفارة أو صلاة أو صيام.